حافظ إبراهيم
الكتاب: المنتخب من أدب العرب (الجزء الأول)
حافظ إبراهيم
قال يصف الشمس
- لاح منها حاجب للناظرين فنسوا بالليل وصاح الجبين
- ومحت آيتها آيته وتبدت فتنة للعالمين
- نَظَرَ إِبراهامُ فيها نَظرَةً فَأَرى
الشَكَّ وَما ضَلَّ اليَقين
- قالَ : ذا رَبّي فَلَمّا أَفَلَت قالَ إِنّي لا أُحِبُّ الآفِلين
- ودعا القوم ربي، فلما أفلت قال: (إني لا أحب الآفلين)
- رب ان الناس ضلوا وغووا ورأوافى الشمس راى الخاسرين
- خشعت ابصارهم لمابدت والى الاذقان خروا ساجدين
- نظروا آياتها مبصرة فعصوا فيهاكلام المرسلين
- نظروا بدر الدجى مرآتها تتجلى فيه حينابعدحين
- ثم قالوا:كيف لا نعبدها هل لهافيماترى العين قرين
- هى ام الارض فى نسبتها هى ام الكون والكون جنين
- هى ام النار والنور معا هى ام الريح والماء المعين
- هى طلع الروض نورا وجنى هى نشر الورد،طيب الياسمين
- هى موت وحياة للورى وضلال وهدى للغابرين
- صدقوا، لكنهم ماعلموا انهاخلق سيبلى بالسنين
- أ إله لم ينزه ذاته عن كسوف ؟بئسزعم الجاهلين
- انمإالشمس ونافى آيها من معان لمعت للعارفين
- حكمة بالغة قدمثلت فدرة الله لقوم غافلين
وقال على لسان اللغة العربية تنعى حظها بين أهلها:
- رَجَعتُ لِنَفسي فَاِتَّهَمتُ حَصاتي وَنادَيتُ قَومي فَاِحتَسَبتُ حَياتي
- رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
- وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدتُ بَناتي
- وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
- فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ
- أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
- فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي
- فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحينَ وَفاتي
- أَرى لِرِجالِ الغَربِ عِزّاً وَمَنعَةً وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ
- أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ
- أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي
- وَلَو تَزجُرونَ الطَيرَ يَوماً عَلِمتُمُ بِما تَحتَهُ مِن عَثرَةٍ وَشَتاتِ
- سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ أَعظُماً يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ قَناتي
- حَفِظنَ وِدادي في البِلى وَحَفِظتُهُ لَهُنَّ بِقَلبٍ دائِمِ الحَسَراتِ
- وَفاخَرتُ أَهلَ الغَربِ وَالشَرقُ مُطرِقٌ حَياءً بِتِلكَ الأَعظُمِ النَخِراتِ
- أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ مَزلَقاً مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أَناةِ
- وَأَسمَعُ لِلكُتّابِ في مِصرَ ضَجَّةً فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ نُعاتي
- أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ
- سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كَما سَرى لُعابُ الأَفاعي في مَسيلِ فُراتِ
- فَجاءَت كَثَوبٍ ضَمَّ سَبعينَ رُقعَةً مُشَكَّلَةَ الأَلوانِ مُختَلِفاتِ
- إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي
- فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيتَ في البِلى وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي
- وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ
ومن قصيدة له دعاها ((غادة الياباى)) ضمنها غرامه بغادة يابانية : وأشاد بالشجاعة التي ظهرت بها أمة اليابان في الحرب بينها ربين روسيا:
- لا تَلُم كَفّي إِذا السَيفُ نَبا صَحَّ مِنّي العَزمُ وَالدَهرُ أَبى
- رُبَّ ساعٍ مُبصِرٍ في سَعيِهِ أَخطَأَ التَوفيقَ فيما طَلَبا
- مَرحَباً بِالخَطبِ يَبلوني إِذا كانَتِ العَلياءُ فيهِ السَبَبا
- عَقَّني الدَهرُ وَلَولا أَنَّني أوثِرُ الحُسنى عَقَقتُ الأَدَبا
- إيهِ يا دُنيا اِعبِسي أَو فَاِبسِمي لا أَرى بَرقَكِ إِلّا خُلَّبا
- أَنا لَولا أَنَّ لي مِن أُمَّتي خاذِلاً ما بِتُّ أَشكو النُوَبا
- أُمَّةً قَد فَتَّ في ساعِدِها بُغضُها الأَهلَ وَحُبُّ الغُرَبا
- تَعشَقُ الأَلقابَ في غَيرِ العُلا وَتُفَدّي بِالنُفوسِ الرُتَبا
- وَهيَ وَالأَحداثُ تَستَهدِفُها تَعشَقُ اللَهوَ وَتَهوى الطَرَبا
- لا تُبالي لَعِبَ القَومُ بِها أَم بِها صَرفُ اللَيالي لَعِبا
- لَيتَها تَسمَعُ مِنّي قِصَّةً ذاتَ شَجوٍ وَحَديثاً عَجَبا
- كُنتُ أَهوى في زَماني غادَةً وَهَبَ اللَهُ لَها ما وَهَبا
- ذاتَ وَجهٍ مَزَجَ الحُسنُ بِهِ صُفرَةً تُنسي اليَهودَ الذَهَبا
- حَمَلَت لي ذاتَ يَومٍ نَبَأً لا رَعاكَ اللَهُ يا ذاكَ النَبا
- وَأَتَت تَخطِرُ وَاللَيلُ فَتىً وَهِلالُ الأُفقِ في الأُفقِ حَبا
- ثُمَّ قالَت لي بِثَغرٍ باسِمٍ نَظَمَ الدُرَّ بِهِ وَالحَبَبا
- نَبِّؤوني بِرَحيلٍ عاجِلٍ لا أَرى لي بَعدَهُ مُنقَلِبا
- وَدَعاني مَوطِني أَن أَغتَدي عَلَّني أَقضي لَهُ ما وَجَبا
- نَذبَحُ الدُبَّ وَنَفري جِلدَهُ أَيَظُنُّ الدُبُّ أَلّا يُغلَبا
- قُلتُ وَالآلامُ تَفري مُهجَتي وَيكِ ما تَصنَعُ في الحَربِ الظِبا
- ما عَهِدناها لِظَبيٍ مَسرَحاً يَبتَغي مُلهىً بِهِ أَو مَلعَبا
- لَيسَتِ الحَربُ نُفوساً تُشتَرى بِالتَمَنّي أَو عُقولاً تُستَبى
- أَحَسِبتِ القَدِّ مِن عُدَّتِها أَم ظَنَنتِ اللَحظَ فيها كَالشَبا
- فَسَليني إِنَّني مارَستُها وَرَكِبتُ الهَولَ فيها مَركَبا
- وَتَقَحَّمتُ الرَدى في غارَةٍ أَسدَلَ النَقعُ عَلَيها هَيدَبا
- قَطَّبَت ما بَينَ عَينَيها لَنا فَرَأَيتُ المَوتَ فيها قَطَّبا
- جالَ عِزرائيلُ في أَنحائِها تَحتَ ذاكَ النَقعِ يَمشي الهَيذَبى
- فَدَعيها لِلَّذي يَعرِفُها وَاِلزَمي يا ظَبيَةَ البانِ الخِبا
- فَأَجابَتني بِصَوتٍ راعَني وَأَرَتني الظَبيَ لَيثاً أَغلَبا
- إِنَّ قَومي اسِتَعذَبوا وِردَ الرَدى كَيفَ تَدعونِيَ أَلّا أَشرَبا
- أَنا يابانِيَّةٌ لا أَنثَني عَن مُرادي أَو أَذوقَ العَطَبا
- أَنا إِن لَم أُحسِنِ الرَميَ وَلَم تَستَطِع كَفّايَ تَقليبَ الظُبا
- أَخدِمُ الجَرحى وَأَقضي حَقَّهُم وَأُواسي في الوَغى مَن نُكِبا
- هَكَذا الميكادُ قَد عَلَّمَنا أَن نَرى الأَوطانَ أُمّاً وَأَبا
- مَلِكٌ يَكفيكَ مِنهُ أَنَّهُ أَنهَضَ الشَرقَ فَهَزَّ المَغرِبا
- وَإِذا مارَستَهُ أَلفَيتَهُ حُوَّلاً في كُلِّ أَمرٍ قُلَّبا
- كانَ وَالتاجُ صَغيرَينِ مَعاً وَجَلالُ المُلكِ في مَهدِ الصِبا
- فَغَدا هَذا سَماءً لِلعُلا وَغَدا ذَلِكَ فيها كَوكَبا
- بَعَثَ الأُمَّةَ مِن مَرقَدِها وَدَعاها لِلعُلا أَن تَدأَبا
- فَسَمَت لِلمَجدِ تَبغي شَأوَهُ وَقَضَت مِن كُلِّ شَيءٍ مَأرَبا
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء