محمود باشا سامي البارودي
الكتاب: المنتخب من أدب العرب (الجزء الأول)
محمود باشا سامي البارودي
قال في الفخر وهو من قصيدة طويلة :
- سواي بتحنان الأغاريد يطرب وغيري باللذّات يلهو ويعجب
- وما أنا ممّن تأسر الخمر لبّه ويملك سمعيه اليراع المثقّب
- ولكن أخو همّ إذا ما ترجّحت به سورة نحو العلا راح يدأب
- نَفَى النَّوْمَ عَنْ عَيْنَيْه نَفْسٌ أَبِيَّةٌ لَها بينَ أَطْرافِ الأَسِنَّة مَطْلَبُ
- وَمَنْ تَكُنِ العَلْياءُ هِمَّةَ نَفْسِهِ فكل الذي يلقاه فيها محبّب
- إِذا أَنا لَم أُعْطِ الْمَكارِمَ حَقَّها فلا عزّني خال ولا ضمّنى أب
- خُلِقْتُ عَيُوفاً لا أَرَى لابْنِ حُرَّةٍ عليّ يدا أغضي لها حين يغضب
- فَلَسْتُ لأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ مُتَوَقّعَاً وَلَسْتُ عَلى شَيءٍ مَضَى أَتَعَتَّبُ
- أَسِيرُ عَلَى نَهْجٍ يَرَى النَّاسُ غَيْرَهُ لِكُلِّ امْرِئٍ في ما يُحاوِلُ مَذْهَبُ
- وَإِنِّي إِذا ما الشَكُّ أَظْلَمَ لَيْلُهُ وَأَمْسَتْ بِهِ الأَحْلامُ حَيْرَى تَشَعَّبُ
- صدعت حفافي طرّتيه بكوكب مِنَ الرَّأْي لا يَخْفَى عَلَيْهِ الْمُغيَّبُ
وقال يتشوق وهو في المنفي :
- ردوا عليَّ الصبا منْ عصريَ الخالي وَهَلْ يَعُودُ سَوَادُ اللِّمَة ِ الْبَالِي
- لمْ يدرِ منْ باتَ مسروراً بلذتهِ أني بنارِ الأسى منْ هجرهِ صالي
- يا غاضبينَ علينا ! هلْ إلى عدة ٍ بالوصلِ يومٌ أناغي فيهِ إقبالي
- غِبْتُمْ؛ فَأَظْلَمَ يَوْمِي بَعْدَ فُرْقَتِكُمْ وَ ساءَ صنعُ الليالي بعدَ إجمالِ
- فاليومَ لا رسني طوعُ القيادِ ، ولاَ قَلْبِي إِلَى زَهْرَة ِ الدُّنْيَا بِمَيَّالِ
- أبيتُ منفرداً في رأس شاهقة ٍ مثلَ القطاميَّ فوقَ المربإِ العالي
قال يرثى أباه لما ناهز العشرين :
- لا فارس اليوم يحمي سرحة الوادي طاح الردى بشهاب الحرب والنادي
- مات الذي ترهب الأقران صولته ويتقي بأسه الضرغامة العادي
- مضى وخلّفني في سنّ سابعة لا يرهب الخصم إبراقي وإرعادي
- فإن أكن عشت فردا بين آصرتي فهأنا اليوم فرد أين أندادي
ومن قصيدة له يرثى بها زوجته ، وقد ماتت في مصر وهو لا يزال في منفاه
:
- لا لوعتي تدع الفؤاد ، ولا يدي تقوى على ردّ الحبيب الغادي
- يا دَهْرُ، فِيمَ فَجَعْتَنِي بِحَلِيْلَة ٍ كانَتْ خَلاصَة َ عُدَّتِي وَعَتَادِي
- إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْحَمْ ضَنَايَ لِبُعْدِها أفلا رحِمتَ منَ الأسى أولادى
- وَمِنَ الْبَلِيَّةِ أَنْ يُسَامَ أَخُو الأَسَى رَعْيَ التَّجَلُّدِ وَهْوَ غَيْرُ جَمَادِ
- هَيْهَاتَ بَعْدَكِ أَنْ تَقَرَّ جَوَانِحِي أَسَفاً لِبُعْدِكِ أَوْ يَلِينَ مِهَادِي
- وَلَهِي عَلَيكِ مُصاحِبٌ لِمَسِيرَتِي وَالدَّمْعُ فِيكِ مُلازِمٌ لِوِسَادِي
- فَإِذَا انْتَبَهْتُ فَأَنْتِ أَوَّلُ ذُكْرَتِي وَإِذَا أَوَيْتُ فَأَنْتِ آخِرُ زَادِي
وقال يصف الحرب :
- ولما تداعى القوم واشتبك القنا ودارت كما تهوي على قطبها الحرب
- وزين للناس الفرار من الردى وماجت صدور الخيل والتهب الضرب
- صبرت لها حتى تجلت سماءها واني صبور ان الم بي الخطب
وقال يصف الفراق :
- مَحَا الْبَيْنُ مَا أَبْقَتْ عُيُونُ الْمَهَا مِنِّي فَشِبْتُ وَلَمْ أَقْضِ اللُّبَانَةَ مِنْ سِنِّي
- عَنَاءٌ وَيَأْسٌ وَاشْتِيَاقٌ وَغُرْبَةٌ أَلا شَدَّ مَا أَلْقَاهُ فِي الدَّهْرِ مِنْ غَبْنِ
- فَإِنْ أَكُ فَارَقْتُ الدِّيَارَ فَلِي بِهَا فَؤَادٌ أَضَلَّتْهُ عُيُونُ الْمَهَا مِنِّي
- بَعَثْتُ بِهِ يَوْمَ النَّوَى إِثْرَ لَحْظَةٍ فَأَوْقَعَهُ الْمِقْدَارُ فِي شَرَكِ الْحُسْنِ
- فَهَلْ مِنْ فَتَىً فِي الدَّهْرِ يَجْمَعُ بَيْنَنَا فَلَيْسَ كِلانَا عَنْ أَخِيهِ بِمُسْتَغْنِ
- وَلَمَّا وَقَفْنَا لِلْوَدَاعِ وَأَسْبَلَتْ مَدَامِعُنَا فَوْقَ التَّرَائِبِ كَالْمُزْنِ
- أَهَبْتُ بِصَبْرِي أَنْ يَعُودَ فَعَزَّنِي وَنَادَيْتُ حِلْمِي أَنْ يَثُوبَ فَلَمْ يُغْنِ
- وَلَمْ تَمْضِ إِلَّا خَطْرَةٌ ثُمَّ أَقْلَعَتْ بِنَا عَنْ شُطُوطِ الْحَيِّ أَجْنِحَةُ السُّفْنِ
- فَكَمْ مُهْجَةٍ مِنْ زَفْرَةِ الْوَجْدِ فِي لَظَىً وَكَمْ مُقْلَةٍ مِنْ غَزْرَةِ الدَّمْعِ فِي دَجْنِ
- وَمَا كُنْتُ جَرَّبْتُ النَّوَى قَبْلَ هذِهِ فَلَمَّا دَهَتْنِي كِدْتُ أَقْضِي مِنَ الْحُزْنِ
- وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي وَرَدَّنِي إِلَى الْحَزْمِ رَأْيٌ لا يَحُومُ عَلَى أَفْنِ
- وَلَوْلا بُنَيَّاتٌ وَشِيبٌ عَوَاطِلٌ لَمَا قَرَعَتْ نَفْسِي عَلَى فَائِتٍ سِنِّي
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء